نشر الكاتب الصحفي السوري أحمد كامل، أمس، منشوراً على حسابيه في فيسبوك وإكس تحدث فيه عما وصفه بـ” اهتمام العالم كله بضمان حقوق الأقليات في سورية”، وقد أظهر تحليل المنشور أنه استخدم المبالغة والتعميم في بعض الفقرات، واستخدم معلومات مضللة في أخرى، ما ساهم في التحريض وإثارة الكراهية بين المكونات السورية.
ورد في المنشور أن “سورية محكومة من أبناء أقلية منذ ٥٤ سنة، وارتكب هؤلاء (بتواطؤ مع أبناء أقليات أخرى) إبادة جماعية بحق أبناء الأغلبية حصراً، فقتلوا وهجروا قسرياً ٩ ملايين من أبناء الأغلبية”.
وأضاف: “القاتل في سورية منذ ٥٤ هو من الأقليات، والقتيل هو من الأغلبية، والعالم كله مهتم بحقوق (وتطمين) القاتل، وليس القتيل”.
يختزل الكاتب صورة المكونات السورية، وكأن كل مكون منها متجانس وذي لون واحد، وفي هذا تعميم يخالف حالة التنوع على مستوى الانتماء الديني أو السياسي أو الموقف من الأحداث التي جرت في سوريا، حيث انقسم السوريون على مستوى كل مكون بين معارض ومؤيد للنظام السابق، كما أن النظام روج لرواية “محاربة المتطرفين” كاستراتيجية، بالتوازي مع محاولة تحييد غالبية المكونات السورية، بهدف نزع الطابع الوطني عن الحراك الاحتجاجي الذي خرج في سوريا عام 2011 و لعدم تحولها إلى ثورة وطنية.
يُحمّل الكاتب مسؤولية ما يصفه بـ “الإبادة الجماعية بحق أبناء الأغلبية لأبناء أقلية بتواطؤ من أبناء أقليات أخرى”، وهو اتهام يحتاج إلى حقائق جازمة وفيه اختزال لتعقيدات المشهد في سوريا.
كما أن القول بأن “القاتل من الأقليات منذ 54 والقتيل من الأغلبية”، يعد تضليلاً ذلك أنه يستخدم التعميم، ويضع المكونات السورية في حالة مواجهة، ويغفل حقيقة أن النظام كان مشكلاً من غالبية المكونات، وشملت جرائمه مختلف المكونات خلال هذه الفترة الطويلة من الحكم.
يرد في منشور الكاتب أيضاً: “يحتل حتى اليوم أبناء أقلية أخرى شرق وشمال سورية، ويمارسون سياسة عنصرية ضد أبناء الأغلبية، ويسرقون ٧٠٪ من ثروات سورية، و ١٠٠ ٪ من سلعها الاستراتيجية (النفط والغاز والماء والكهرباء والقمح والقطن والثروة الحيوانية)”
يختزل التوصيف السابق الحالة المجتمعية والسياسية والإثنية في شمال وشرق سوريا ومجمل التطورات التي حدثت خلال 13 سنة، كما تستند الاتهامات لمكون سوري إلى تعميم يضعه في مواجهة مفترضة مع بقية المكونات السورية، بينما كان الصراع جار بين قوى وأطراف من مكونات مختلفة، وبحيث لا يمتلك أياً منها شرعية تميل المكون الذي ينتمي إليه، فضلاً عن أن النسب والأرقام المذكورة حول الثروات والسلع الاستراتيجية، مناقضة للحقائق.
ينتقي الكاتب حقائق من المأساة السورية للوصول إلى استنتاجات، كما يستخدم أنصاف حقائق لتعميم أحكام، إذ يقول مثلاً” كل اللاجئين السوريين الذين يعيشون أو عاشوا في الخيام هم من الأغلبية بنسبة ١٠٠ ٪ (لم يعش درزي واحد ولا مسيحي واحد ولا علوي واحد في الخيام منذ ٥٤ عام) “، و يحاول الكاتب هنا تجيير معاناة مكون سوري تسبب فيه نظام استبدادي لإثارة النقمة على مكونات أخرى لا علاقة لها بما جرى، كما يتعمد الكاتب إغفال انتهاكات وجرائم فصائل المعارضة والتنظيمات المتطرفة والجهادية، وتسببها بتهجير ونزوح عشرات الآلاف من جميع المكونات والمناطق السورية.
هذه ليست المرة الأولى التي يستخدمها فيها الصحفي أحمد كامل التحريض وإثارة الكراهية،في منشوراته.
تشهد العديد من المناطق السورية أعمالاً انتقامية خارج القانون وحالة عدم استقرار، إضافة إلى مواجهات عسكرية شمال شرقي البلاد وسط تدخلات خارجية، وتزايد حدة الاستقطاب وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، لذا تساهم مثل هذه الخطابات في زيادة الانقسامات وتغذية الاحتقان المتراكم منذ سنوات.
خلاصة:
– استخدم الكاتب الذي يتابعه عشرات الآلاف، في منشوره، لغة مثيرة بالاعتماد على المبالغة والتعميم، إضافة لإيراد معلومات مضللة، ما يعده مساهماً في التحريض على العداء ضد مكونات سورية محددة، وصفها بـ”الأقليات”.
– يضع منشور الكاتب، الذي حظي بانتشار وتفاعل واسعين على فيسبوك وإكس، المكونات السورية في حالة مواجهة مفترضة، ويساهم هكذا خطاب في زيادة الاحتقان والحساسيات بين المكونات، في سياق بالغ الحساسية تمر به سوريا، ويتيح إمكانية أن يتحول إلى عنف مادي.
– الأرقام والنسب التي أوردها الكاتب في منشوره غير دقيقة ومضللة.