تداولت وسائل إعلام سورية، إلى جانب حسابات وصفحات عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤخراً، ادعاء مفاده أن صحيفة فرانكفورت روندشاو الألمانية، ذكرت أن الحكومة الألمانية تخطط لترحيل اللاجئين السوريين السُنّة وأن البرلمان حذر من “برميل البارود” في سوريا.
الإجراء:
تحرّى فريق شبكة تدقيق المعلومات – True Platform،صحة الادعاء، فراجع النسخة الأصلية للمقال المنشور في صحيفة فرانكفورت روندشاو الألمانية، وتصريحات وزارة الداخلية الألمانية، ومكتب الهجرة واللاجئين (BAMF)، وبحث في وسائل إعلام، وتبين أن الادعاء مضلل.
نتائج البحث والتحري:
– تبين أن تقرير للصحيفة الألمانية تحت عنوان “الترحيل إلى سوريا: العودة إلى “برميل البارود” أورد معلومات حول مساعٍ يبذلها وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت عبر “مسؤولين ألمان يجرون مفاوضات في دمشق حول اتفاق لإعادة اللاجئين، ويتوقّع أن يتم توقيعه قبل نهاية هذا العام”، غير أن التقرير لم يذكر المصادر التي حصل من خلالها على هذه المعلومات، وما إذا كانت رسمية أو غير رسمية.

– تبين أن التقرير المشار إليه، ذكر أن “المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) بدأ مؤخراً مجدداً بمعالجة طلبات اللجوء المقدّمة من أشخاص قادمين من سوريا، بدءاً بطلبات المسلمين السنّة”، دون نسبه إلى مصادر رسمية أو غير رسمية.
– لم يرد في التقرير أيّة معلومات حول خطة تستهدف ترحيل اللاجئين السوريين السُنّة فقط.
– ورد في التقرير المذكور إن “النهج المتشدّد الذي يتّبعه وزارة الداخلية الاتحادية (BMI) يؤثر إجمالاً على نحو مليون لاجئ سوري في ألمانيا، وقد تمّ الاعتراف بحوالي 660 ألفاً منهم كأشخاص بحاجة إلى الحماية، لكن جميع تصاريح الحماية هذه يمكن سحبها في ظل ظروف معيّنة”.
– ذكر التقرير أيضاً أن لاجئين سوريين اثنين لقيا حتفهما في دمشق ودير الزور في حادثتين منفصلتين، بعد فترة من عودتهما، وأن “وكالة اللجوء الأوروبية حذّرت في تموز/يوليو الفئات من أن عدداً كبيراً من الجماعات المسلحة ما زالت تنشط في البلاد، وتعمل بدرجات متفاوتة من الاستقلالية، وأن وسط وغرب سوريا يشهدان وقائع متكررة من الفوضى والعنف والانتقام”.
– تبين أن حسابات وصفحات في منصات التواصل، استخدمت عناوين مبالغ بها جاءت متناقضة مع المعلومات المقتبسة من التقرير، الواردة في متن منشوراتها.

– تبين أن حسابات وصفحات في مواقع التواصل، اكتفت بنقل الادعاء السابق بشكل مقتضب، وأهملت الإشارة إلى أن الحديث يدور عن جميع اللاجئين السوريين، ضمن إجراءات عامة، تحظى بانتقادات من المعارضة الألمانية، بينما أطلقت الأمم المتحدة ووكالة اللجوء الأوروبية تحذيرات بشأنها.
– أدعى ناشط سوري أن طالبي لجوء سوريين رفضت طلباتهم لأن “أصحابها سنة ولا يواجهون خطراً في ظل حكومة الشرع”، غير أن صورة أحد الردود التي نشرها لم تتضمن إشارات لأسباب دينية أو قومية للرفض، بل اقتصرت على أسباب تتعلق بتقييم الوضع الأمني العام في سوريا.
– لم تذكر أي جهة رسمية ألمانية (مثل وزارة الداخلية أو BAMF) وجود خطة لترحيل السوريين بناء على انتماء ديني أو قومي، بل جاءت التصريحات الرسمية حول ملفات اللجوء عامة، مع تشديد على أولوية ترحيل المدانين بجرائم، ومن سترفض طلبات لجوئهم.
– أوردت تقارير ألمانية أن “حق اللجوء في ألمانيا يستند بالدرجة الأولى إلى أسباب إنسانية تهدد المتقدم بطلب اللجوء في بلده الأم، بصرف النظر عن سنه أو مقدرته على العمل”.

– نقلت تقارير ألمانية عن مختصين في شؤون اللجوء قولهم إن” عمليات الترحيل تسبق عادة بسلسلة من الإجراءات لتقييم الوضع في البلد الأصلي بحيث تستند إلى تقارير الحالة التي تصدرها وزارة الخارجية الألمانية، إضافة إلى ما تجمعه من معلومات توفرها تقارير المنظمات غير الحكومية التي تعمل في البلد المعني، ومن ثم تجري المحاكم الإدارية تقييمها المستقل بناء على هذه المعلومات، وما إذا كان يجب تقييمه بطريقة قد تمنع العودة حسب حالة الفرد الخاصة”.
– نقل تقرير حديث لموقع دويتشه فيله عن مصادر أنه “حتى في حال توقيع اتفاق مع الحكومة السورية بشأن إعادة اللاجئين، فلن يعني ذلك تنفيذ الترحيلات فوراً، إذ يجب تقييم كل حالة على حدة، إذ أن القانون الألماني لا يسمح بترحيل شخص إذا كان معرضاً لخطر التعذيب أو الإعدام أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في بلده الأصلي.”
– نقل ذات التقرير عن مختصين قانونيين أن الحكومة الحالية تستند إلى اعتبارات سياسية في خططها للترحيل، ولا علاقة له بالتقييم القانوني.
– نقل تقرير لقناة العربية عن سلطات الهجرة التابعة للداخلية الألمانية قولها إن “الترحيل إلى سوريا غير ممكن حالياً بسبب غياب الرحلات إلى دمشق، وأن السوريين الذين صدرت بحقهم طالبات ترحيل سيتم إصدار تصريح سماح لهم حتى إشعار آخر”.
خلاصة:
– الادعاء بأن صحيفة فرانكفورتر روندشاو قالت إن الحكومة الألمانية تخطط لترحيل اللاجئين السوريين السُنّة، مضلل.
– أوردت الصحيفة أن #مكتب_الهجرة_واللاجئين الألماني، عاد مؤخراً إلى معالجة طلبات اللجوء المقدّمة لها، وبدأها بطلبات السوريين السُنّة، لكنها لم تذكر المصادر التي حصلت من خلالها على هذه المعلومة.
– لم يرد في تقرير الصحيفة أو تقارير ألمانية أخرى، أن الحكومة الألمانية تخطط لترحيل اللاجئين السوريين من السُنّة فقط.
– تشير تقارير ألمانية إلى أن الحكومة تعتزم التوصل، مع نهاية العام الحالي، إلى اتفاق مع دمشق لتسريع إعادة اللاجئين السوريين، غير أن تنفيذ ذلك سيخضع لاعتبارات قانونية، وتقييم لوضع البلاد، إضافة إلى مراعاة حالة كل شخص.
– تبين أن الادعاء يستند إلى معلومات دقيقة وأخرى كاذبة، لذا صُنِّفَ ضمن محتوى “مضلل” وفق منهجية شبكة تدقيق المعلومات – True Platform .
خلفية:
في سياق الأحداث التي تمر بها سوريا منذ اندلاع الثورة، كثيراً ما تنقل وسائل الإعلام أخبار ومعلومات غير دقيقة، جراء عمليات تضليل ممنهجة أو أخطاء مهنية.
بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون/ ديسمبر 2024، بدأت ألمانيا إعادة تقييم سياستها تجاه اللاجئين السوريين، حيث تستضيف نحو 1.3 مليون شخص من أصل سوري، أغلبهم وصلوا خلال عامي 2015–2016.
وفي أواخر 2024 ,أوقفت الحكومة مؤقتاً معالجة طلبات اللجوء السورية (نحو 47 ألف طلب) بسبب “الوضع السياسي غير الواضح في سوريا”، وسط ضغوط من أحزاب يمينية تطالب بإعادة تقييم الحماية الممنوحة للسوريين.
وكشف وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت عن مفاوضات مع السلطات السورية الجديدة لإبرام اتفاق ترحيل قبل نهاية 2025، يبدأ بالمدانين بجرائم أو ممن رُفضت طلباتهم.
منظمات حقوقية مثل UNHCR وPro Asyl حذّرت من أن سوريا ما زالت غير آمنة، مع وجود أكثر من 7 ملايين نازح داخلياً ودمار واسع للبنية التحتية. فحتى أيلول/ سبتمبر 2025، عاد فقط نحو 1,800 لاجئ من ألمانيا، ما يعكس الحذر من العودة رغم التغيرات السياسية.



