هل صحيح أن سوريا وقعت 12 اتفاقية استثمارية؟

تداول صحفيون مع وسائل إعلامية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مصطلح “اتفاقيات استثمارية” خلال تغطيتهم لما وصفته هيئة الاستثمار السورية بـ “مراسم توقيع مذكرات تفاهم استثمارية مع عدد من الشركات الدولية في قصر الشعب بدمشق” وذلك بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع.

وعقب حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي من السوريين، تلقى فريق “ترو بلاتفورم” استفسارات حول استخدام مصطلح الاتفاقية والفارق بينه وبين مصطلح مذكرة التفاهم، وما إذا كان ذلك يعني تضليلاً للمتلقي، خاصة وأن حسابات وزارة الخارجية والرئاسة السورية استخدمت “توقيع اتفاقيات” بدل “مذكرات التفاهم”.

تحرى فريق True platform عن صحة ما تم تداوله، وأجرى بحثاً عبر غوغل وراجع مواقع متخصصة، وأخرى رسمية وتبين خلاف المتداول.

نتائج البحث والتحري:

-أظهر البحث أن وكالة “سانا” الرسمية إضافة إلى “هيئة الاستثمار السورية” وصفت ما حدث بأنه “توقيع على 12 مذكرة تفاهم مع عدد من الجهات الاستثمارية، بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار أمريكي”.

-الحدث نظم تحت مسمى “مراسم توقيع مذكرات استثمارية في سوريا آب/أغسطس 2025” وهو ما ظهر خلال العرض التقديمي.

-تتفق مواقع مالية وأكاديمية متخصصة، أن مذكرة التفاهم (MOU)، عبارة عن وثيقة رسمية تُحدد اتفاقاً بين طرفين أو أكثر. ورغم أنها غير مُلزمة قانوناً، إلا أن نفاذها النهائي يعتمد على القصد واللغة المُحددة المُستخدمة فيها. ومع ذلك، فهي تعكس التزام الأطراف بالمضي قدماً نحو عقد أكثر رسمية.

الاتفاقية (Agreement) هي عقد قانوني ملزم للطرفين، يحدد الحقوق والواجبات والتكاليف والجداول الزمنية وشروط التنفيذ و الإخلال بها قد يؤدي إلى إجراءات قانونية.

-أظهر البحث أنه في المشاريع الكبيرة أو “السيادية” مثل مشروعات البنى التحتية العملاقة، استغلال الموارد الطبيعية، أو الشراكات الاستراتيجية بين الدول، غالباً تبدأ بمذكرة تفاهم قبل أن تتحول إلى اتفاقية ملزمة، ومن الأمثلة على ذلك، مشروع نيوم في السعودية بدأ بعدة مذكرات تفاهم مع شركات عالمية قبل توقيع العقود، وكذلك ممر الحزام والطريق الصيني في باكستان.

-أظهر البحث أن ليس كل مذكرة تفاهم تنتهي إلى مشروع فعلي، فالكثير منها يبقى على الورق إذا فشلت المفاوضات أو تغيرت الظروف ومن الأمثلة على ذلك، مشروع “خط أنابيب نابوكو” للغاز وقعت مذكرات تفاهم بين 2002 و2010 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ودول من البلقان والهدف نقل الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي ألغي في 2013، وكذلك مشروعات مثل جسر البحرين–قطر ومشروع الربط الكهربائي بين اليمن والسعودية عبر البحر الأحمر.

-أظهر البحث أن تطوير مذكرات التفاهم إلى اتفاقيات ملزمة تأتي بعد إجراء دراسات جدوى اقتصادية وفنية لتقييم جدوى المشروع من حيث التكاليف، العوائد المتوقعة، والمخاطر إضافة إلى تحليل السوق، الجدوى المالية، والتأثيرات البيئية والاجتماعية، واتفاق الطرفين عليها.

-مذكرات التفاهم تعني إعلان نوايا وإطاراً للتفاوض حول تنفيذ مشاريع مستقبلية، بينما توقيع الاتفاقيات يعني أن لها إلزام قانوني وأن المشروع سيدخل مرحلة التنفيذ، وهو ما لم يحدث في أغلب المشاريع المعلنة.

-لا تتوفر نصوص مذكرات التفاهم الموقعة ولم يتسنى لفرق “ترو بلاتفورم” الاطلاع عليها، لتقييم طبيعة القصد من توقيع هذه المذكرات واللغة المستخدمة فيها واستشارة مصادر متخصصة.

خلاصة:

-ما جرى توقيعه رسمياً هو “مذكرات تفاهم” غير ملزمة قانونياً تمثل بداية تفاوضية قد تفضي إلى اتفاقيات لاحقاً.

-الادعاء المتداول بأن سوريا وقعت “اتفاقيات استثمارية بقيمة 14 مليار دولار” يوحي وكأن المشاريع دخلت مرحلة التنفيذ، وهذا غير دقيق.

-لا يمكن الجزم حالياً بأن جميع هذه المشاريع ستنفذ أو إنها لن تصل إلى مرحلة الاتفاقيات الملزمة.

– تبين أن الادعاء المتداول يختلف بشكل جزئي عن الأصل لذا يصنف ضمن محتوى “غير دقيق” وفق منهجية ترو بلاتفورم”.

خلفية:

أعلن أول أمس في قصر الشعب، خلال مراسم حضرها الرئيس السوري أحمد الشرع التوقيع على 12 مذكرة تفاهم تتعلق بـ12 مشروعاً بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار أمريكي في محافظات دمشق وريف دمشق وإدلب وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودير الزور.

وقال مدير هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي أن أبرز هذه المشاريع هي مطار دمشق الدولي باستثمار يبلغ 4 مليارات دولار أمريكي، والذي يعد بوابة سوريا إلى العالم، ومترو دمشق باستثمار يبلغ ملياري دولار أمريكي، وهو مشروع حيوي للبنية التحتية والتنقل الحضاري، إضافة إلى أبراج دمشق باستثمار يبلغ ملياري دولار أمريكي وهي معلم معماري ورمز للنهضة، وأبراج البرامكة باستثمار يبلغ 500 مليون دولار أمريكي ومعها مول البرامكة باستثمار 60 مليون دولار أمريكي.