هذا الفيديو قديم ولا يوثق ترحيلاً حديثاً للاجئين سوريين من ألمانيا

تداول نشطاء، وحسابات وصفحات على موقعي فيسبوك وإكس، مؤخراً مقطع فيديو مع ادعاءٍ يفيد بأن ألمانيا بدأت بترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

ويُسمع في المقطع صوتُ المصوّر وهو يقول إنّ “الترحيل بدأ من المخيمات (الكامبات)”، ثمّ يوجّه سؤاله إلى شابين يقفان بالقرب منه، فيردّ عليه أحدهما بلهجةٍ سورية قائلاً إنّ المخيم بات محاصراً وسيُصار إلى ترحيلهم. وفي نهاية المقطع، يُسمع المصوّر يقول: “الترحيل فقط للسوريين”.

غير أنّ المقطع لا يُظهر أيّ مؤشراتٍ تؤكّد أنّه صُوّر في ألمانيا، ولا يقدّم أدلّةً على صحّة الادعاء الوارد فيه.

الإجراء:

أجرى فريق شبكة تدقيق المعلومات -True Platform، بحثاً عبر غوغل وفيسبوك وإكس، كما أجرى بحثاً عكسياً عن الصورة بعد تقسيم الفيديو إلى صور ثابتة، وتبين أن الفيديو قديم.

نتائج البحث والتحري:

-أظهر البحث أن ذات المقطع تداولته حسابات على فيسبوك وإكس، خلال شهر شباط/فبراير الماضي، بعنوان مماثل.

-لم يعثر على أي أخبار مماثلة في وسائل الإعلام السورية أو الألمانية أو الدولية، تدعم صحة الادعاء.

-كشفت تقارير ألمانية أن الحكومة تعتزم التوصل، مع نهاية العام الحالي، إلى اتفاق مع دمشق لتسريع إعادة اللاجئين السوريين، على أن يشمل الترحيل بداية “مرتكبي جرائم ثم الأشخاص الذين لا يملكون تصاريح إقامة”، غير أن تنفيذ ذلك سيخضع لاعتبارات قانونية، وتقييم لوضع البلاد، إضافة إلى مراعاة حالة كل شخص.

-أوردت صحف ألمانية، مؤخراً، أن مكتب الهجرة واللاجئين الألماني، عاد مؤخراً إلى معالجة طلبات اللجوء المقدّمة لها بعد توقف منذ سقوط النظام السابق في سوريا، وبدأها بطلبات السوريين السُنّة، لكنها لم تذكر  المصادر التي حصلت من خلالها على هذه المعلومة.

– أوردت تقارير ألمانية أن “حق اللجوء في ألمانيا يستند بالدرجة الأولى إلى أسباب إنسانية تهدد المتقدم بطلب اللجوء في بلده الأم، بصرف النظر عن سنه أو مقدرته على العمل”.

– نقلت تقارير ألمانية عن مختصين في شؤون اللجوء قولهم إن” عمليات الترحيل تسبق عادة بسلسلة من الإجراءات لتقييم الوضع في البلد الأصلي بحيث تستند إلى تقارير الحالة التي تصدرها وزارة الخارجية الألمانية، إضافة إلى ما تجمعه من معلومات توفرها تقارير المنظمات غير الحكومية التي تعمل في البلد المعني، ومن ثم تجري المحاكم الإدارية تقييمها المستقل بناء على هذه المعلومات، وما إذا كان يجب تقييمه بطريقة قد تمنع العودة حسب حالة الفرد الخاصة”.

– نقل تقرير حديث لموقع دويتشه فيله عن مصادر أنه “حتى في حال توقيع اتفاق مع الحكومة السورية بشأن إعادة اللاجئين، فلن يعني ذلك تنفيذ الترحيلات فوراً، إذ يجب تقييم كل حالة على حدة، إذ أن القانون الألماني لا يسمح بترحيل شخص إذا كان معرضاً لخطر التعذيب أو الإعدام أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في بلده الأصلي.”

– نقل ذات التقرير عن مختصين قانونيين أن الحكومة الحالية تستند إلى اعتبارات سياسية في خططها للترحيل، ولا علاقة له بالتقييم القانوني.

– نقل تقرير لقناة العربية، الأسبوع الفائت، عن سلطات الهجرة الألمانية قولها إن “الترحيل إلى سوريا غير ممكن حالياً بسبب غياب الرحلات إلى دمشق، وأن السوريين الذين صدرت بحقهم طالبات ترحيل سيتم إصدار تصريح سماح لهم حتى إشعار آخر”.

– في حادثة هي الأولى من نوعها، نقلت صحف ألمانية حادثة ترحيل السوريين إبراهيم ورؤى سليمان بعد مداهمة منزلهما في بلدة زولفيلد عند الرابعة فجر الأربعاء الماضي، ليتم ترحيلهما إلى اليونان في اليوم نفسه عبر مطار هانوفر.

-لاقت الحادثة انتقادات، وعلى إثرها قالت وزارة الشؤون الاجتماعية في كيل، أن اليونان كانت أول بلد أوروبي دخلته الأسرة أثناء فرارها، وهناك مُنح الشقيقان الأكبران وضع الحماية الثانوية، ما يعني أنهما يُسمح لهما بالإقامة في اليونان فقط.

أضافت الوزارة إن هناك سبيلًا لعودة الشقيقين، وأن مكتب الهجرة واللاجئين في الولاية استعداده للنظر في مثل هذا الطلب بإيجابية، وأن الوزارة ستقدم لهما المشورة في هذا الشأن.

خلاصة:

-الفيديو المتداول لا يوثق عمليات ترحيل جماعية للاجئين السوريين، بدأتها ألمانيا، مؤخراً.

-الفيديو السابق متداول منذ شباط/ فبراير الماضي، بذات العنوان، لكن لا دليل على أنه مصور في ألمانيا، بينما لم يتمكن فريقنا من الوصول إلى مصدره الأصلي.

-تعتزم الحكومة الألمانية التوصل، مع نهاية العام الحالي، إلى اتفاق مع الحكومة السورية لتسريع إعادة اللاجئين السوريين غير أن تنفيذ أي اتفاق محتمل سيخضع لاعتبارات قانونية وإنسانية واقتصادية، ولن يكون فورياً.

-الادعاء بأن ألمانيا بدأت بعمليات ترحيل جماعي للاجئين السوريين، مشكوك فيه.

-تبين أن الادعاء يستند إلى محتوى قديم معاد تداوله، لذا صنف ضمن محتوى” مجتزأ من سياقه” وفق منهجية شبكة تدقيق المعلومات -True Platform.

خلفية:

يأتي انتشار المقطع السابق، بعد أيام من انتشار تقارير تتحدث عن مساع للحكومة الألمانية  تهدف للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية، مع نهاية العام الحالي، وذلك بهدف تسريع إعادة اللاجئين السوريين.

عد سقوط نظام بشار الأسد في كانون/ ديسمبر 2024، بدأت ألمانيا إعادة تقييم سياستها تجاه اللاجئين السوريين، حيث تستضيف نحو 1.3 مليون شخص من أصل سوري، أغلبهم وصلوا خلال عامي 2015–2016.

وفي أواخر 2024 ,أوقفت الحكومة مؤقتاً معالجة طلبات اللجوء السورية (نحو 47 ألف طلب) بسبب “الوضع السياسي غير الواضح في سوريا”، وسط ضغوط من أحزاب يمينية تطالب بإعادة تقييم الحماية الممنوحة للسوريين.

وكشف وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت عن مفاوضات مع السلطات السورية الجديدة لإبرام اتفاق ترحيل قبل نهاية 2025، يبدأ بالمدانين بجرائم أو ممن رُفضت طلباتهم. 

وحذرت منظمات حقوقية من أن سوريا ما زالت غير آمنة، في ظل وجود أكثر من 7 ملايين نازح داخلياً ودمار واسع للبنية التحتية. فحتى أيلول/ سبتمبر 2025، عاد فقط نحو 1,800 لاجئ من ألمانيا، ما يعكس الحذر من العودة رغم التغيرات السياسية.