أفرزت أزمة اللجوء السورية المتفاقمة منذ عام 2011 تحديات هائلة واجهت اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، إذ استقبلت العديد من الدول ولا سيما المجاورة لسوريا موجات لجوء متتابعة جراء احتدام الصراع، ودخول سوريا في دوامة رهيبة من الحرب التي لم يوقفها الهدوء الهش لجبهات القتال.

وقد شكل انتقال موجات بشرية كبيرة نحو بلدان مجاورة مثل لبنان وتركيا ضغوطا كبيرة على أكثر من صعيد، وبدأت هذه الضغوط تتحول لاحتقانات تفاقمت مع بروز الأزمات الاقتصادية في هذه البلدان، واقترنت بتصاعد خطاب الكراهية والتحريض المبطن والمباشر ضد اللاجئين من قبل جهات وشخصيات عديدة حاولت تحقيق مكاسب سياسية مستفيدة من حوادث وإشكالات قد تحدث بين الفينة والأخرى، لتضخ عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحريضها واستهدافها للاجئين السوريين، وجراء هذا التحريض المتصاعد تولد – في كثير من الأحيان- موجات عنف بحقهم، كما أسهم ذلك في ترسيخ وتعزيز سياسات حكومية مجحفة وصارمة تطال جوانب الحياة والعمل، وصولا إلى ارتكاب الترحيل القسري، وإعادة اللاجئين إلى مربع العنف والخوف الذي فروا منه.
تناقش هذه الورقة تصاعد مظاهر خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في دول الجوار، وتورد أمثلة عن التحريض والتضليل المساهم في نشر هذا الخطاب، كما تعرّج على المشهدين التركي واللبناني بما يخص حملات التحريض والكراهية التي تستهدف اللاجئين السوريين،تقترح الورقة أيضاً جملة من المقترحات والتوصيات الهادفة للحد من الكراهية والتحريض ضد اللاجئين السوريين.
مظاهر خطاب الكراهية وأسباب تصاعده
شهدت دول الجوار السوري خاصة تركيا ولبنان تصاعدًا ملحوظًا في خطاب الكراهية الموجه ضد اللاجئين السوريين، حيث تبلور هذا الخطاب وتصاعد، وباتت له ملامح وتبنته قطاعات من الجمهور، وتمركز في مناطق جغرافية عديدة داخل خرائط هذه البلدان، مما اثر بشكل واضح وكبير على حياة اللاجئين، وامتدت مفاعيله لتؤثر على الوضع الداخلي وسياسات الحكومات مما شكل تحديا حقيقيًا أمام اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
تتنوع أسباب ومظاهر تنامي خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين ، كما لا يمكن عزل الأسباب عن بعضها بالنظر إلى حجم المشكلة وتعقيداتها، فبينما يقف العامل الاقتصادي على رأس الأسباب حيث يمر كل من لبنان وتركيا بأزمات اقتصادية كبيرة، تبرز مسببات أخرى كتخوف قطاعات كبيرة من مواطني البلدين من تغير التركيبة الديمغرافية ولا سيما في لبنان مع تزايد أعداد اللاجئين، إذ قدرت مفوضية اللاجئين عدد اللاجئين السوريين في لبنان بحوالي المليون ونصف حسب تقديرات قديمة سبقت موجة العودة العكسية الناجمة عن الحرب الأخيرة بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله. ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية لأعداد اللاجئين السوريين في لبنان إلا أن جهات حكومية لبنانية في قدرت عدد اللاجئين السوريين بمليونين و80 ألف، أما في تركيا فتشير بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى وجود ما يقارب 3.6 مليون لاجىء كما تؤكد دائرة الهجرة التركية على انخفاض أعداد اللاجئين السوريين المسجلين إلى 3 ملايين و158 ألفا حسب إحصائية أجريت في شهر نيسان 2024 وذلك بعد تنفيذ الحكومة التركية عمليات ترحيل واسعة باتجاه مناطق الشمال السوري.
سياسيون على خط التحريض والكراهية
يتجسد هذا التوجه في سعي بعض السياسيين –أفرادا وأحزابا وتيارات- لاستغلال أزمات اللجوء وتداعياتها للظفر بمكاسب سياسية، وتحريك الملف لصالح أجندات سياسية وانتخابية. يغلب على هؤلاء السياسيين أيدولوجيات قومية متطرفة، فأغلبهم ينتمي لأحزاب اليمين في بلدانهم، ويبالغون في توصيف أزمة اللجوء، ومشاكلها وما ينجم عنها، ويستغلون هذا الملف ضد ضد التيارات السياسية الأخرى “المتساهلة” او المناصرة لقضايا اللاجئين، كما يضغطون على حكومات بلدانهم للتشدد أكثر حيال ملف اللاجئين، ويدعو بعضهم لترحيل اللاجئين دون تلكؤ، بينما يحاول آخرون طرح “حلول” غير واقعية في هذا الصدد كدعوة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى الحذو حذو بريطانيا في “ترحيل اللاجئين غير الشرعيين”

يشكل التحريض السياسي الممارس من قبل زعامات سياسية وقيادات دينية سببا رئيسيا لبروز خطاب الكراهية، يضاف لذلك دور وسائل التواصل الاجتماعي واحتواؤها على حملات تحريض ووسوم معادية أو غير مرحبة باللاجئين. ورغم الوجود المسبق للحوادث العنصرية والخطاب غير المرحب باللاجئين في لبنان بالنظر للطبيعة الديمغرافية للبلد والأحداث التي رافقت الحروب والاجتياحات السابقة خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية ما بين 1975 وحتى 1990 وما تبع ذلك من تواجد الجيش السوري والظروف التي رافقت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وشخصيات سياسية أخرى، إلا أن هذه الحوادث والخطابات العنصرية تجددت وتفاقمت من قدوم اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة في وقت يرزح فيه البلد تحت وطأة أزمات سياسية واقتصادية عديدة، وقد شكلت حادثة اختطاف وقتل القيادي في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان في نيسان/ أبريل 2024 ذريعة لاعتداءات جديدة ومتكررة من قبل أنصار تيارات سياسية عديدة في لبنان، فقد أعلن الجيش اللبناني عن ان عملية الخطف والقتل نفذت على يد أفراد عصابة سوريين خلال محاولة سرقة، ليتصاعد على إثرها خطاب الكراهية والتحريض الواضح، ودعوات لترحيل اللاجئين السوريين لاسيما من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وقياديين ومنتسبين آخرين ، كذلك بين أحزاب وتيارات سياسية أخرى، كالتيار الوطني الحر الذي يبرز من بين صفوفه القيادي جبران باسيل، الذي يتبنى موقفا صريحا وحادا من بقاء اللاجئين السوريين في لبنان، والذي يصفه بالخطر الوجودي، ويخرج إلى الإعلام لسوق ادعاءات عن شيوع الاستقرار واستتباب الأمن في سوريا، ووجوب عودة السوريين المتواجدين في لبنان لبلدهم.
في نفس السياق تزامن انعقاد مؤتمر بروكسل الثامن لدعم مستقبل سوريا والمنطقة تحركات واعتصامات دعا لها حزب القوات اللبنانية وشارك رئيس الحزب المنشورات الداعية للاعتصام على صفحاته في وسائل التواصل الاجتماعي، وجاء هذا التحرك تحت شعار “الوجود السوري خطر” وهذا ما يشكل مفارقة كبيرة من حيث كون المؤتمر صمم لأجل تقديم المساعدات وتخفيف المعاناة عن كاهل اللاجئين السوريين، فيما تسعى أطراف سياسية لبنانية إلى استغلال الحدث لزيادة الأعباء والمصاعب التي تؤرق اللاجئين، وتسهم في التضييق عليهم وزيادة مخاوفهم وسبق ان أشار سياسيون لبنانيون إلى مخرجات مؤتمر بروكسل على أنها تأتي في سياق ” ضغوط دولية على لبنان لإبقاء اللاجئين السوريين داخل لبنان والعمل بشكل استراتيجي للسماح بدمجهم في المجتمع”.
تتكرر مواقف مماثلة في تركيا التي ورغم صدور تصريحات من الحكومة التركية والرئيس التركي تدين أعمال العنف بحق اللاجئين إلا أن مصادر عديدة أكدت أن هذه الأعمال تخدم السياسة الرسمية التركية، التي تمضي قدما في ترحيل اللاجئين والتضييق عليهم عبر الحد من تنقلهم بين الولايات، وإجبارهم على التوقيع على أوراق ” العودة الطوعية” ومن ثم ترحيلهم للداخل السوري، أو احتجازهم لمدد طويلة في مراكز الاحتجاز والمخيمات المجاورة للحدود تمهيدا لترحيلهم ففي الوقت التي تبدي فيه الحكومة التركية رغبتها المتكررة في فتح صفحة جديدة مع النظام السوري يتخوف اللاجئون السوريون من تسريع ترحيلهم للداخل السوري، ودخولهم في دوامة مصير مجهول بينما لا تخفي أحزاب تركية أخرى رغبتها في الاتفاق مع حكومة دمشق حول ملف اللاجئين في ظل تعطل المسار السياسي التفاوضي وفق القرارات الدولية.
تسخر ورقة اللاجئين بقوة في الصراعات الانتخابية والسياسية بين حكومة حزب العدالة والتنمية وبين أحزاب معارضة وتختلف لهجة الخطاب وحدته بين حزب وآخر وبلغ الاستقطاب أشده في الانتخابات التركية الأخيرة. فبعد أن اتبعت الحكومة التركية سياسة الباب المفتوح إزاء تدفق اللاجئين السوريين لعدة أعوام غيرت الأخيرة ممارساتها، ورضخت لضغوط كبيرة من شريكها في الائتلاف الحكومي وهو حزب الحركة القومية التركي اليميني، وكذلك من أحزاب معارضة كالحزب الجيد وتيارات وأشخاص داخل حزب الشعب الجمهوري وهو أكبر أحزاب المعارضة التركية.
برز في هذا الاتجاه اسم رئيس حزب الظفر التركي المعارض أوميت أوزداغ الذي يعرف بتطرفه حيال اللاجئين وبثه لخطاب كراهية وتحريض متكرر ،قائم على ادعاءات مضللة، تنافي واقع الحال منها “وجود 13 مليون لاجىء على أرض تركيا”.
العنف كنتيجة للتحريض والاستغلال السياسي
مع انتشار شائعات يغلب عليها طابع التضليل والمبالغة على وسائل التواصل الاجتماعي حول ارتكاب بعض السوريين اللاجئين جرائم ضد أفراد من المجتمع المضيف ازداد التوتر الاجتماعي في العديد من مناطق لجوئهم في تركيا ولبنان، وتكررت حوادث العنف الجسدي المباشر والاعتداء على المساكن والمحلات، والتي تأخذ شكل احتشاد الغوغاء المرددين لهتافات وشعارات عنصرية ومن ثم يعمد هؤلاء إلى التعرض للسوريين من المارة والساكنين في المناطق القريبة وإيذائهم جسديا أو لفظيا، وقد تترافق هذه الأعمال بحرق وتكسير الممتلكات ومصادر الرزق والمساكن، وقلما تتدخل الشرطة وأجهزة الأمن للحيلولة دون وقوع تلك الأعمال والتعديات المخلة بالأمن والسلام الاجتماعي وفي لبنان كثيرا ما تمارس مجموعات من اللبنانيين التضييق على اللاجئين وتحديد حركتهم وتجوالهم إذ تتكرر مشاهد العنف والتعرض المتكرر للاجئين السوريين في لبنان، وبغية ترهيب اللاجئين السوريين، وفرض قيود على حركتهم وتنقلهم، وغالبا ما تمارس بحقهم اعتداءات جسدية وتعذيب، بينما تتكرر حوادث خطف اللاجئين السوريين بغرض طلب الفدية أو الترهيب ليتركوا أماكن سكنهم.

كذلك في تركيا شهدت مدينة قيصري في تموز/ يوليو 2024 اعتداءات عنيفة استهدف فيها لاجئون سوريون، امتدت لتشمل مدنا تركية أخرى ومناطق في الشمال السوري، وأسفرت عن وقوع ضحايا وخسائر مادية جسيمة أصابت ممتلكات اللاجئين وأعمالهم. كشفت هذه الأحداث عن جملة من الحقائق المرتبطة بأزمة اللجوء السورية كان أبرزها سهولة وخطورة نشر المعلومات المضللة، وانتشار وسوم التحريض، ومدى تأثيرها السلبي إذا ما استخدمت في خدمة أجندات سياسية متطرفة، في ظل سياسات حكومية قاصرة عن تأمين الحماية للاجئين على أراضيها.
بدأت الأحداث بانتشار اعتداء شاب سوري على طفلة عمرها خمس سنوات، مالبث أن انتشر الفيديو مرفقا بالعديد من الروايات المغلوطة والمحرضة ضد السوريين منها أن الطفلة تركية الجنسية، لتأخذ الأحداث منحى عنفيا، ولتبدأ مجموعات من الشبان الأتراك بتكسير المحلات السورية وحرق السيارات، ورشق زجاج البيوت التي يقطنها السوريون بالحجارة، وعجت حينها وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما منصة إكس بحملات تحريض وكراهية وانتشر وسم ” لا أريد لاجئين في بلدي”.
الإعلام والسوشيال ميديا ميدانا للكراهية والصور النمطية
وصمت أوساط عديدة داخل الدول المجاورة اللاجئين السوريين بالعديد من الصور النمطية التي تتخذ طابعا تعميميا مجحفا، هدفه الشحن وتأليب الرأي العام ضدهم، وكثيرا ما يؤثر هذا التنميط في الفئات المجتمعية المستقطبة من الأحزاب والشخصيات الناشطة في التحريض ضد اللاجئين السوريين، إذ يتم تصوير تزايد أعداد اللاجئين على كونه “خطر وجودي”. كما يوصم اللاجئون بتشكيلهم عبئا اقتصاديا على البلدان المستضيفة كتركيا ولبنان، ويتم تحميلهم وزر التسبب في إحداث أزمات في القطاع الخدمي عبر استجرار الكهرباء والماء، وتسريع اهتلاك البنية التحتية، وفي كثير من الأحيان يوصمون بالجهل وعدم التحضر وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالمحتوى المسيْ أو العنصري حيال اللاجئين، فقد غدت هذه المنصات بيئة خصبة لانتشار خطاب الكراهية، وكثيرا ما تكون الحملات منسقة وموجهة وتعتمد بشكل أساسي على التضليل والأخبار المغلوطة الهادفة لتأجيج العداء وترسيخ النظرة السلبية، ويشارك فيها مؤثرون وسياسيون يعيد جمهورهم نشر تغريداتهم ومنشوارتهم الفيسبوكية، ويعرضون إحصائيات وأرقاما مبالغ فيها هدفها التهويل من خطورة وجود اللاجئين على أراضي بلدانهم، كما لا يخلو المحتوى من استخدام تعابير ومفردات خادشة ومهينة تساهم في الشحن العنصري والتحريض المباشر ضد اللاجئين عموما والسوريين منهم على وجه الخصوص.

كما تلعب وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة أدوارا سلبية في الانحياز ضد اللاجئين عبر تضخيم الإشكالات الحاصلة، والتركيز على حوادث فردية تصدر عن اللاجئين، وعادة ما تخلو وسائل الإعلام من ابتذال المحتوى الموجود على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب خضوعه لتدقيق المحتوى والسياسات التحريرية الخاصة بكل مؤسسة، غير أن تناول هذا الملف بشكل متكرر، واستضافة مؤثرين ذوي توجهات معادية للاجئين، وإفساح المجال لعرض افكارهم يسهم في احتداد الفضاء العام، ويبرز حدة الخلاف السياسي الحاصل حول القضية، وينتقل الجدل على إثر ذلك لوسائل التواصل الاجتماعي التي تعمق من هذا الجدل، فينتج عنه محتوى مسموم وتراشق وتضليل، وقد يصل في بعض الأحيان إلى تصعيد ينتقل للشوارع، وينتج أذى فيزيائيا يطاول اللاجئين أو ممتلكاتهم وأماكن عملهم أو سكنهم كأحداث قيصري في تركيا والتعديات التي طاولت اللاجئين السوريين في لبنان بعد خطف واغتيال السياسي اللبناني باسكال سليمان.
وبالعودة إلى الصور النمطية والاتهامات التي تحاول التيارات المعادية أو غير المرحبة إلصاقها باللاجئين يتضح للمتابعين حجم الاستسهال في الوصم والمبالغات والاتهامات غير المبنية على الأدلة والإحصائيات، فعلى سبيل المثال يتم ربط تدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار في تركيا بوجود اللاجئين السوريين في حين تقدر دراسات حجم الاموال السورية المنقولة لتركيا ما بين 2011 وحتى 2016 بعشرة مليارات دولار، وفي حين يضخم ساسة اليمين الشعبوي في خطابهم حجم الإسهام الحكومي التركي في دعم اللاجئين، يغفلون حجم المساعدات الدولية التي تقدمها مؤسسات ومنظمات دولية بشكل مباشر للحكومة التركية، عدا عن رؤوس أموال السوريين والمدخرات المنقولة للداخل التركي والمساعدات التي تصل لأيدي اللاجئين، والتي تسهم في تحريك ركود الاقتصاد التركي عبر عمليات شراء السلع من الأسواق والأموال التي يدفعها اللاجئون لاستئجار البيوت والمحلات التجارية.
خلاصة وتوصيات:
يرتبط انتشار خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين بمجمل أزمات اللجوء التي ترهق كاهل السوريين في الشتات، والتي ترتبط بدورها ارتباطا وثيقا بتأزم الوضع السياسي وانعدام أفق الحل الذي يضمن البدء بخطوات عملية لعودة المهجرين واللاجئين لأماكن سكناهم الأصلية، كذلك يشتبك هذا الواقع بأزمات دول الجوار التي أشرنا إليها آنفا وكذلك ما ينجم عن الحرب المتجددة في لبنان والتي أسهمت في النزوح العكسي للاجئين السوريين نحو بلدهم المدمر سوريا، وفيما تستغل أطراف سياسية تصاعد حدة هذه الأزمات يغدو البحث عن الحلول -على صعوبته- واجبا على الجهات المتنفذة والفاعلة حيث تأتي حكومات هذه الدول وأحزابها السياسية في رأس هذه الجهات والتي يطلب منها أن تعزل ملف اللاجئين السوريين عن الصراعات السياسية الداخلية والخارجية، وأن تجرم خطاب الكراهية والتحريض ضد فئة اللاجئين المستضعفة، وأن تعمل على سن قوانين في هذا الصدد، كما ينبغي على باقي الأحزاب والجهات السياسية داخل هذه الدول أن تعمل في نفس المجال، وأن لا تتمركز حول “صناعة الخطر” الناجم عن زيادة عدد اللاجئين، وأن تدرك خطورة التحريض على العنف وما يمثله من تهديد للسلم الاجتماعي داخل بلدانها . يطلب أيضا من المانحين والرعاة الدوليين والمنظمات الدولية أن يضغطوا في هذا الاتجاه وأن يسعوا لدى الحكومات التي تستقبل اللاجئين السوريين ليمنعوا الاعتداء والتحريض ضدهم، وأن يؤمنوا الموارد اللازمة للتصدي للتحريض وخطاب الكراهية عبر التوعية ونبذ هذا الخطاب على الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.



