هل أبدى “الأسد” استعداده بالتنحي عن السلطة مقابل حمايته من قبل دول عربية؟

تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الأربعاء، 31 أيار/مايو  الفائت، خبراً حول استعداد الرئيس السوري لقبول انتقال سياسي في سوريا، خلال مدة أقصاها عام واحد.

وأظهر البحث أن مصدر الخبر موقع “شبكة دار نيوز” الذي ينشط في شمال شرقي سوريا، وقد نقل عن مصادر “مطلعة” لم يسمها، أنَّ رئيس النـ ـظام السوري بشار الأسد، أبدى استعداده لقبول انتقال سياسي في سوريا، على أن يظل  في السلطة رمزياً خلال مدة أقصاها عام واحد.

وزعم الموقع أن مصادره أشارت إلى أنَّ عدداً من الدول العربية، في مقدمتها السعودية والإمارات ومصر قدّمت ضمانات “بحـ ـماية عائلة بشار الأسد، بالإضافة إلى المناطق العـ.ـلوية على أن يحكم البلاد بشكل رمزي خلال مدة من 6 أشهر إلى سنة إلى حين تشكيل حكومة انتقالية في سوريا”.

وفقاً لمصادر الموقع فإن “الأسد” وافق على ما طرحته الدول العربية خلال اجتماع عقده مسؤولون رفيعو المستوى من “مصر والسعودية والإمارات مع رئيس النـ ـظام السوري بشار الأسد خلال تواجده في مدينة جدة السعودية بعد حضوره القمة العربية”.

وبحسب ” شبكة دار نيوز” فإن سوريا ستنتقل من حكم “المركزية السلطوية المسـ ـتبدة ذات نظـ.ـام الحزب الواحد الممتد منذ عقود إلى نـ ـظام حكم اللامركزية الديمقراطية عبر صياغة عقد اجتماعي جديد إذ تعتبر الحل الوحيد لحل الأزمة التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن”.

وتشير مصادر الموقع إلى أنَّ “نموذج الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا سيتم تطبيقه في مختلف المناطق السورية، بحيث تكون هناك إدارة ذاتية للساحل السوري وإدارة ذاتية للجنوب وغيرها من المناطق وذلك ضمن جغرافية سورية واحدة”.

تحرى فريق “True Platform” صحة الخبر عبر محركات البحث، فلم يعثر على أي مصدر آخر للخبر، ما يعني أن الموقع المذكور تفرد به ونشر نسختين منه، واحدة كتابية، وأخرى بطريقة الفيديو غرافيك.

من خلال تفكيك الخبر وتحليله تبين:

  • يستند الموقع في خبره على مصادر مجهولة وصفها بالمطلعة، دون أي إشارة أخرى تقرب المصدر من الأذهان من قبيل (دبلوماسية، أمنية، عسكرية، رفيعة من الدولة الفلانية)، ما يزيد من الشكوك حول  مدى مصداقية الخبر، وهذا المعيار متفق عليه لدى وسائل الإعلام التي تتحرى المصداقية.
  • هذه المزاعم تتعلق بنقطة تحول مفصلية في الصراع السوري منذ 12 عاماً، ولها تأثيرات كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي، لذا من الطبيعي التساؤل عن السبب المنطقي الذي يدفع مصدراً “مطلعاً” على كواليس اللقاءات العربية على مستوى القمة، وينقل المعلومة إلى موقع محلي لا يعد من مواقع الدرجة الأولى في مناطق شمال وشرق سوريا فضلاً عن الإعلام الإقليمي أو الدولي، خصوصاً وأن القمة العربية حظيت بتغطية إعلامية عالمية.
  • يتبنى الخبر فرضية أن الرئيس السوري هو من يقرر مصير البلاد، ويتجاهل حقيقة التأثير الإيراني والروسي على الأرض، وهي أطراف كان لها الدور المحوري في استمرارية النظام عبر دعمه عسكرياً كما في الحالة الإيرانية ومن ورائها الطيران الروسي ومن ثم دعمه سياسياً في مواجهة الضغوط الدولية كحال روسيا واستخدامها حق النقض “فيتو” مراراً.
  • يكرر الخبر رواية قبول بشار الأسد بالتنحي، وهي رواية كررها الإعلام منذ عام 2011 وثبت كذبها على الدوام.
  • يتعارض الخبر مع فكرة عدم قبول الأسد بالتنحي في فترات ضعفه فكيف يقبل بهكذا خيار في ظل تطور الأحداث لصالحه ومحاولات تعويمه؟
  • يزعم الموقع بحسب معلومات أن سوريا ستنتقل من حكم “المركزية السلطوية المسـ ـتبدة ذات نظـ.ـام الحزب الواحد الممتد منذ عقود إلى نـ ـظام حكم اللامركزية الديمقراطية عبر صياغة عقد اجتماعي جديد إذ تعتبر الحل الوحيد لحل الأزمة التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن”.

وهذه مزاعم  ترد في سياق غير منطقي، وتتعارض مع الوقائع والمعطيات السياسية على الأرض، حيث لا وجود لمؤشرات واضحة على إمكانية تطبيق هذا السيناريو في المدى المنظور، خاصة أنه يستسهل تعقيدات الأزمة، ويتعارض مع مصالح أطراف الصراع العديدة الدولية والإقليمية.

  • تشير الفقرة الأخيرة من الخبر إلى أن: “نموذج الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، سيتم تطبيقه في مختلف المناطق السورية، بحيث تكون هناك إدارة ذاتية للساحل السوري، وإدارة ذاتية للجنوب، وغيرها من المناطق وذلك ضمن جغرافية سورية واحدة”.

وتدل هذه الفقرة على انحياز واضح للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، وهي طرف في الصراع  السوري.

  • يفيد تحليل المصطلحات المستخدمة في صياغة الخبر، مثل (المركزية السلطوية – اللامركزية الديمقراطية – عقد اجتماعي – الحل الوحيد للأزمة السورية)، أنها مصطلحات تستخدم ضمن أوساط الإدارة الذاتية ومناصريها ولا تستخدم في أدبيات جهات سياسية دولية أو إقليمية.

النتائج:

  • الأخبار التي لا يفصح فيها عن المصدر تكون ضعيفة، وغير موثوقة إلى أن يتم التثبت منها، أو يفصح عن مصادرها أو تقرب إلى الأذهان قدر الإمكان.
  • الخبر منحاز لجهة سياسية هي طرف في الصراع السوري.
  • الخبر خارج سياق المعطيات والوقائع السياسية.
  • يتعارض محتوى الخبر مع حقيقة عدم وجود مواقف داعمة علنية لمشروع الإدارة الذاتية من جانب أطراف عربية أو إقليمية أو دولية فاعلة ومؤثرة في الأزمة السورية.
  • يتجاهل هذا السيناريو المفترض أحد أوجه تعقيدات الأزمة السورية وهي انتشار العشرات من الفصائل والميليشيات السورية وغير السورية المرتبطة بأطراف الصراع،  ولا يتطرق إلى مصيرها ومستقبلها.
  • الموقع المذكور هو المصدر الوحيد للخبر ولم يتم تدوال أي معلومة قريبة من محتوى الخبر في أي وسيلة إعلامية تتمتع بمصداقية ومعايير مهنية.