وسائل إعلام عربية تنشر أرقاماً مفبركة حول عدد ونسبة البدو في السويداء

*نورس عزيز

خلال الأحداث الدموية التي جرت في محافظة السويداء جنوبي سوريا بدءاً من 13تموز/يوليو الماضي بين مجموعات درزية محلية من جهة، ومجموعات من البدو إلى جانب قوات تابعة لوزارة الدفاع والأمن العام وعشائر عربية من جهة أخرى، تصاعدت وتيرة المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، وساهمت في بعضها وسائل إعلام سورية وعربية.

ومع اشتداد المعارك وبدء عمليات النزوح الداخلي، وعمليات فتح ممرات لإجلاء عائلات عشائر البدو من المحافظة، بدأ الحديث عن أعداد ونسبة البدو في السويداء، وتناقلت وسائل إعلام عربية ومحلية أرقاماً حيال ذلك، لكن هذه الأرقام اختلفت من تقرير إلى آخر.

في 17 تموز/يوليو أشار تقرير على موقع صحيفة العربي الجديد  إلى وجود 250 ألف شخص من البدو يسكنون محافظة السويداء، ويشكلون ثلث عدد السكان. 

وذكر تقرير آخر بعنوان “رئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية: خروج العائلات من السويداء نزوح مؤقت”، نشره موقع صحيفة الشرق الأوسط في 21 تموز/يوليو، جاء فيه أن نسبة العشائر العربية تبلغ 30 بالمئة من عدد السكان، دون الإشارة إلى العدد الكلي لسكان المحافظة.

وفي 19 تموز/يوليو نشرت منصة الجزيرة مباشر على الانستغرام مقطع فيديو تحت عنوان:
“تعدادهم 250 ألف نسمة”.. ماذا تعرف عن عشائر البدو في مدينة السويداء السورية؟ في حين لم يشر الفيديو لأي مصدر لمعلوماته الإحصائية.

من جهة أخرى نشرت  حسابات على منصة إكس معلومات  وأرقاماً  تراوحت بين 50 و 140 ألف شخص من البدو قالوا إنهم نزحوا جراء عمليات العنف في السويداء.

تظهر المعلومات السابقة ادعائين لا يستندان على أيّ مصادر أو وثائق رسمية، الأول حول أعداد البدو والعشائر في السويداء، والثاني حول عدد البدو الذين تم إجلاؤهم من المحافظة خلال المعارك.

تفنيد الادعاء الأول

بعد البحث والتحري حصلنا على وثيقة رسمية تعد أحدث وثيقة صادرة عن دائرة النفوس في محافظة السويداء تعود لتاريخ 31 كانون الأول 2023، تمت المصادقة عليها من قبل المحافظ الأسبق بسام ممدوح بارسيك، الذي شغل منصبه بين تموز 2022 وأيار 2024.

وبحسب الوثيقة فإن العدد الكلي لنفوس المحافظة يبلغ 569.861 نسمة، بينهم نحو 33.122 ألف فرد من البدو، وهو عددهم في المحافظة حتى تاريخ الوثيقة.

اعتماداً على هذه الإحصائية تبلغ نسبة البدو بالنسبة لسكان السويداء 5.81 بالمئة (أقل من 6 بالمئة) ما يفند الادعاء الذي ساقته وسائل إعلام عربية حول وجود 250 ألف بدوي أو أنهم يشكلون ثلث سكان المحافظة أو نسبة 30 بالمئة.

تفنيد الادعاء الثاني

أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في آخر تحديث له يوم الخميس 14 آب الجاري، بأن أكثر من 190 ألف شخص نزحوا بسبب أعمال العنف الأخيرة.

وأظهر البحث والتدقيق في تقارير منظمة الأمم المتحدة حيال الوضع في السويداء، أنها لا تفرق بين البدو الذين نزحوا خارج المحافظة، وبين الدروز الذين نزحوا داخلياً في المحافظة، فعند ذكر النازحين لا تشير تقارير المنظمة الدولية إلى هوية الأشخاص، حيث تشمل أرقامها كل من نزحوا خارج المحافظة أو داخلها من البدو والدروز على حد سواء. 

في هذا الإطار قالت حسابات على منصة إكس إن أعداد النازحين من البدو بلغت 150 ألف شخص، لكن تمكنا من الحصول على جداول أعدتها وزارة الكوارث والطوارئ السورية تتضمن إحصاءات لمراكز الإيواء والدفاع المدني والبلديات في درعا، وتشمل أعداد النازحين البدو، وقد بلغ العدد حتى تاريخ 9 آب/أغسطس الجاري حوالي 28.768 ألف شخص فقط.

خلاصة:

– الأرقام والنسب التي ذكرتها وسائل إعلام عربية حول البدو في محافظة السويداء ملفقة.

– الادعاء بأن عدد النازحين من البدو بلغ 150 ألف شخص ملفق.

– عدد البدو في محافظة السويداء وفق الوثائق الرسمية حتى نهاية عام 2023 يبلغ نحو 33.122 ألف شخص.

– بلغ عدد النازحين البدو حتى تاريخ 9 آب/أغسطس الجاري حوالي 28.768 ألف شخص وفق وزارة الكوارث والطوارئ السورية.

– تبين أن الادعاءات حول نسب وأرقام البدو في السويداء إضافة إلى الأرقام والنسب حول النازحين منهم من المحافظة، مختلقة و لا أساس لها من الصحة، لذا صنفت هذه المادة ضمن المحتوى “مفبرك” وفقاً لمنهجية “ترو بلاتفورم”.